ما المقصود بشبكة الجيل الخامس 5G؟

 في الحقيقة لا نستطيع الحديث عن ماهية شبكة الجيل الخامس قبل أن نعي ما هو المقياس الذي نقيس عليه خامس أو رابع أو ثالث…الخ وهذا سيأخذنا للحديث عن شبكات الجيل الرابع والثالث والثاني والأول.

وكي نتحدث عن الفرق بينهم جميعًا وصولًا إلى شبكة الجيل الخامس وما ستضيفه وما يميزها عن ما قبلها، علينا أولًا أن نفهم بعض الأشياء عن آلية عمل شبكات المحمول.
جاهزون؟ حسنًا لنبدأ.

كيف تعمل شبكات المحمول؟

هل جربت مرة هذا الهاتف البدائي؟
مجرد خيط موصول بأكواب بلاستيكية أو ورقية، مالذي يحدث هنا؟

عندما تتحدث إحدى الفتاتان في الصورة أعلاه ستتحول موجاتها الصوتية إلى إهتزازات ميكانيكية تمر من إحدى طرفي الخيط إلى الطرف الآخر موصلة الكلام أو الرسالة أو دعنا نسميها الإشارة.

في الحقيقة ما يحدث في شبكات المحمول هو شيئ أشبه بهذه العملية البسيطة، فأنت ترفع هاتفك تجري إتصالًا تنتقل موجات صوتك لكن ليس عن طريق خيط وليس في شكل إهتزازات ميكانيكية بل في شكل موجات كهرومغناطيسية (Electromagnetic waves).

كيف يتم هذا بالضبط؟

حسنًا، عندما تبدأ في التحدث:

  • يقوم المياكروفون الموجود بهاتفك بتحويل موجاتك الصوتية إلى إشارة رقمية (Digital Signal) تتكون هذه الإشارة الرقمية من أصفار و _ماهو جمع كلمة واحد؟_ لنقل وحايد (1000111101).
  • بعدها، يلتقط الهوائي الموجود بهاتفك (Antenna) هذه الإشارة الرقمية ويقوم بتحويلها إلى موجة كهرومغناطيسية، يتم ترجمة ال zeroes وال ones في شكل ترددات منخفضة أو عالية في حالة كنت تتسائل.

إلى هنا تبدو الأمور جيدة، أنا أتكلم في هاتفي تحدث كل هذه الخزعبلات التي ذكرتها في أجزاء من الثانية ومن ثَم تسافر إلى هاتف صديقي في الجزء الآخر من المدينة أو ربما العالم!

في الحقيقة هذا مستحيل،
فالموجات الكهرومغناطيسية لا تستطيع السفر إلى مسافات طويلة بدون أن تفقد قوتها بسبب عوامل عديدة كالبنايات، الأجهزة الكهربائية، والظروف البيئية.

ما الحل إذًا؟

هنا يأتي دور الأبراج الخلوية (cell towers)،

بالتأكيد لمحت إحداها هنا أو هناك:

وهناك المتنكرة كهذه:

كيف تعمل إذًا؟

يتم تقسيم المناطق الجغرافية إلى خلايا سداسية الشكل لكل منها البرج الخاص بها والتردد الخاص بها أيضًا.

ترتبط هذه الأبراج مع بعضها البعض بشيئ أشبه بالأسلاك يسمى كابلات ألياف ضوئية (optical fiber cables) هل تذكر المرات التي انقطعت بها شبكة الإنترنت عن بلدك بأكملها ربما لعدة أيام، تتصل بخدمة العملاء ويخبرونك: لا نستطيع عمل شيئ لقد انقطع أحد الكابلات بالبحر الأحمر مثلًا.

نعم هذا بالضبط ما نتحدث عنه فتلك الكابلات التي تمر تحت الأرض أو في المحيطات توفر الإتصال الدولي الذي نتمتع به جميعًا.

حسنًا أين وصل صوتك الآن؟ هل ما زلت معي؟

لقد تركنا صوتك آخر مرة يطفو في الهواء في شكل موجة كهرومغناطيسية!

  • يقوم البرج الموجود بخليتك ( المنطقة التي تقطن بها، سداسية الشكل كما اتفقنا مسبقًا) بإستقبال الموجة الكهرومغناطيسية التي تحمل صوتك ويتم تحويلها إلى نبضات ضوئية عالية التردد.
  • تنتقل هذه النبضات الضوئية عالية التردد إلى أسفل البرج حيث يقبع صندوق الإرسال والإستقبال الخاص بالبرج (Transceiver box) والذي يقوم بإجراء بعض العمليات على خصائص الإشارة (التردد، والسعة…).
  • ينتقل صوتك الآن عبر الكابلات إلى البرج الأقرب لصديقك، يقوم ذلك البرج ببث صوتك في شكل موجة كهرومغناطيسية يستقبلها هاتف صديقك ويحصل لها عكس العملية التي قمت بها أنت، أبرا كادبرا! يسمع صديقك صوتك أو يستقبل رسالتك على الواتساب.

نعم أعزائي صف من الإموجي الضاحكة عديمة الفائدة تمر بهذه الرحلة الطويلة.

الآن دعنا نكبر الصورة قليلًا فالعالم لا يحتويك أنت وصديقك فقط أيها النرجسي!

لكي يتم تبادل ونقل البيانات يتم تخصيص مجال ترددي معين لكل مشترك في الشبكة، المجال الترددي المحلي أو حتى الدولي وهو ما يعرف بالطيف الترددي (Frequency sepctrum) محدود في مقابل المليارات من المشتركين الذين يتوقعون وصول أسرع للإيموجيز الخاصة بهم!

يتم التغلب على هذه المشكلة عن طريق تقنيتين:

  • أسلوب توزيع فتحات التردد (frequency slot distribution): وهنا يتم التخصيص والإختيار بعناية فتحات تردد مختلفة لكل برج مختلف.
  • أسلوب الدخول المتعدد (Multiple access technique): أما هنا فيتم التأكد من توزيع مداخل او فتحات التردد تلك بكفاءة على المشتركين النشطيين في الوقت الحالي.

حسنًا لقد انتهينا من الكلام المعقد لنبدأ بربط كل هذه المعلومات بموضوعنا، ولكن كما اتفقنا في البداية سنبدأ بعرض ما قبل ال 5G لنفهم مالذي ستضيفه هذه التقنية الجديدة.

  • شبكات الجيل الأول(1G):

كيف كان الوضع قبل هذه الشبكة؟
لا يوجد ما يسمى بالهواتف اللاسلكية بعد، وكان أقصى اختراع حينها هو جهاز يسمى ال beeper يخبرك أن أحدهم يهاتفك على الهاتف الأرضي ولكن لا يمكنك من إجراء مكالمة لا سلكية.

شكرًا لشبكات الجيل الأول، فهي التي أتاحت لنا أن نستعمل الهواتف بدون أسلاك، فاتحةً الطريق للطفرات المتتالية التي حدثت في تكنولوجيا الإتصالات.

    • بدأت هذه الشكبة بالظهور في 1980.
    • وفرت هذه الشكبة خدمة صوتية فقط بدون بيانات.
    • إعتمدت على الإشارات التشابهية (Analog) فقط بدون أي إشارات رقمية (Digital).
    • بناءًا على النقطة السابقة فكانت جودة الصوت رديئة وكذلك مستوى الأمان.
    • طيف ترددي يبلغ 30 KHz.
    • شبكات الجيل الثاني (2G):
    • وفرت خدمة الرسائل القصيرة (SMS) بالإضافة إلى إمكانية تصفح الإنترنت.
    • استخدمت أسلوب دخول متعدد أفضل وأكثر تطورًا من ذلك المستخدم في شبكات الجيل الأول.
    • بدأ الإعتماد على الإشارات الرقمية بدلاً من المتشابهة مما حسن من جودة الصوت قليلًأ.
    • سرعة نقل البيانات تتراوح بين 14.4 - 64 ك.بايت/ث.
    • طيف ترددي يبلغ 1.8 GHz.
    • شبكات الجيل الثالث (3G):

الشكر يرجع إلى هذا الجيل الذي كان السبب في الطفرة التي تسببت في تحول النوع المعتاد من الهواتف إلى الهواتف الذكية.

وفرت معدلات إنتقال بيانات عالية للأجهزة المحمولة، بسرعات تصل إلى:

    • 2.05 ميجا.بايت/ث للأجهزة الثابتة.
    • 384 ك.بايت/ث للأجهزة المتحركة بسرعات بطيئة كالهواتف المحمولة مع مستخدم يسير على الأقدام.
    • 128 ك.بايت/ث للأجهزة المتحركة بسرعات عالية كالسيارات.
    • وعلى ذكر السيارات، فتحت هذه الشبكة الطريق إلى العديد من التقنيات الجديدة من أهمها تقنية تحديد المواقع الشهيرة GPS والمكالمات الفيديو.
    • طيف ترددي يتراوح ما بين 1.6 - 2 GHz.
    • شبكات الجيل الرابع (4G):

ربما انت مثلي لم تكون ولدت بعد قبل تحول العالم إلى ال 1G، وربما لم تشعر بتحوله إلى 2G أو 3G لكن بكل تأكيد شهدت تحوله إلى 4G، على الأقل استمتعت بال 2 جيجا التي أتاحتها بعض شركات الإتصال لمن سيقوم بتحويل شريحته إلى 4G!

أتاحت سرعات تتراوح بين 20–100 ميجا.بايت/ث.

    • وبناءًا على النقطة السابقة، حدثت طفرة في عالم الترفيه: من أفلام ومسلسلات عالية الجودة إلى مواقع ويب ذات تصاميم جذابة وذكية.
    • يعود الفضل في هذه الطفرة في السرعات إلى عاملين: 1- استعمال أسلوب دخول متعدد أحدث وأكثر تطورًا. 2- استخدام تقنية "ادخال متعدد/اخراج متعدد" (MIMO) والتي يتم فيها استخدام مجموعة من الهوائيات في كلًا من هاتفك والبرج الخلوي.
    • طيف ترددي يتراوح بين 2 - 8 GHz.

وأخيرًا نحن جاهزون لنجيب على السؤال، ما هي شبكة ال 5G أو الجيل الخامس؟

هل لاحظت وضعي لصورة هواتف مختلفة في بداية الحديث عن كل جيل؟ لعل استنتاجك صحيح أيضًا تطور التكنولوجيا المعتمدة على شبكات الهاتف أو على الإنترنت بشكل عام مرتبط بتطور الشبكات نفسها أو طرق تزويد الإنترنت.

فقد بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في عام 2000 قرابة ال 415 مليون مشترك، بينما وصل هذا العدد إلى 3.4 مليار مستخدم بحلول 2016.[1]

فمع هذه الزيادة الهائلة في أعداد مستخدمي الإنترنت، أضف إلى ذلك زيادة عدد الأجهزة التي تطلب الولوج إلى الشبكة العنكبوتية مع بروز تقنيات جديدة على السطح كإنترنت الأشياء (IOT) والسيارات ذاتية القيادة وغيرها.

يحتاج العالم إلى طفرة أخرى في مجال شبكات الهاتف، ويأمل العالم أن تحقق شبكة الجيل الخامس هذه الطموحات.

فبإستخدام تقنية الموجات المليمترية (Millimetre waves) أو كما تدعى أيضًا موجات فائقة التردد، ولا أزيدك عن هذا الأسم فهي تتميز بأنها حزم من موجات الراديو عالية التردد، ترددات تتراوح ما بين 30–300 GHz (وقد تحدثنا سابقًا عن أهمية الطيف الترددي أو المجال الترددي وعلاقته بعدد المستخدمين).

بالإضافة إلى تقنية Massive MIMO والتي تعتمد على زيادة عدد الهوائيات في كلًا من الهاتف والبرج الخلوي.

ستوفر شبكات الجيل الخامس هذه المميزات:

  • سرعات يُتوقع أن تتراوح بين 40 ميجا.بايت/ثانية - 1.1 جيجا.بايت/ثانية، ويؤمل أن تصل إلى 10 جيجا.بايت/ثانية.
  • توفير الخدمة لعدد يصل إلى 100 مليار مشترك. شكرًا أيتها الموجات المليمترية!
  • عندما يأذن الله وتتوفر الخدمة في الوطن العربي ستتمكن من مشاهدة فيديوهات بجودة 4k بدون أي تقطيع أو تأخر في الإرسال.
  • كما أتت ال 3G بتقنيات جديدة كال GPS ومكالمات الفيديو وال 2G برسائل ال SMS، يُتوقع أن تفتح ال 5G الطريق للتقنيات التالية وتسرع من إنتشارها:
    • الصحة الإلكترونية (Ehealth): سيتيح ثبات وسرعة إنتقال البيانات جنبًا إلى جنب مع تطور علم الروبوتات أن نشهد عمليات جراحية تتم عن بعد.
    • السيارات ذاتية القيادة: لقد شهدنا بالفعل ظهور سيارات ذاتية القيادة فما الذي ستضيفه ال 5G هنا؟ الخطوة التالية في هذا المجال هو ربط جميع المركبات على هذا الكوكب ببعضها البعض لن يحسن ذلك من طرق معالجة كل مركبة للبيانات من حولها فقط عن طريق تشارك الخبرة بينها وبين بعضها بل سيزيد من الأمان وتجنب الحوادث حيث ستعمل جميعها كأنها في نظام واحد منسجم!.
    • انترنت الأشياء (IOT): تكاد لا تذكر شبكة الجيل الخامس إلا ويذكر معها إنترنت الأشياء، لن تحتاج إلى شغل عقلك بالبقالة ومشتراوات المنزل، عندما ينفذ البيض من الثلاجة ستقوم ثلاجتك المتصلة بالإنترنت بإرسال إشعار إلى ثلاجة المحل الذي ستتعامل معه الذي سيرسل البيض إلى البيت بدوره، طبق هذا على العديد من أجهزة المنزل الأخرى.

في النهاية،

ما زال ما ذكر عن شبكة الجيل الخامس هو سيناريوهات متوقعة فما زالت الشبكة تحت التطوير وتواجها تحديات ليست بالهينة، على رأسها الأمان. فمع فتح الباب لهذا العدد الضخم من المستخدمين وتلك السرعات الهائلة سيظهر بكل تأكيد شكل جديد من أشكال الإرهاب الإلكتروني فيجب على الحكومات وكذلك شركات الإتصال القيام بالعديد من الحسابات وتوقع أسوء السيناريوهات قبل إطلاق هذه التكنولوجيا التي وبكل تأكيد ستغير الكثير من حياة كل فرد على هذا الكوكب.

المصادر

How does the mobile network work? | ATSE.

Cellular Wireless Networks

how does a mobile network work? - Radio Waves

What are the differences between 1G, 2G, 3G, 4G and 5G?

What’s the difference in network coverage between 3G, 4G, 5G?

What is the difference between 4G and 5G?

Understanding How Millimeter Waves Power the 5G Network

What new services will 5G bring? - Just Ask Thales EN

الهوامش

إرسال تعليق

أحدث أقدم